في هذه الدنيا سهام المصائب مشرعة ، ورماح البلاء معدة مرسلة، فإننا في دار ابتلاء وامتحان ونكد وأحزان والعبد في تنقلاته في هذه الحياة وأطواره فيها لا يخلو من حالتين :
الأولى: أن يحصل له ما يحب ، ويندفع عنه ما يكره، فوظيفته في هذه الحالة الشكر والاعتراف بأن ذلك من نعم الله عليه ، فيعترف بها باطنا ، ويتحدث بها ظاهرات ويستعين بها على طاعة الله عز وجل ، وهذا هو الشاكر حقا.
الثانية: أن يحصل للعبد المكروه ، أو يفقد المحبوب ، فيحدث له هم وحزن وقلق ، فوظيفته الصبر لله ، فلا يتسخط ولا يتضجر ولا يشكو للمخلوق مانزل به ، بل تكون شكواه لخالقة سبحان وتعالى، ومن كان في الضراء صابرا وفي السراء شاكرا فحياته كلها خير ، وبذلك يحصل على الثواب الجزيل ويكتسب الذكر الجميل.
والبلاء الذي يصيب العبد لا يخرج عن أربعة أقسام
أما أن يكون في نفسه أو في ماله ، أو في عرضة، أو في أهله ومن يحب، والناس مشتركون في حصولها، فغير المؤمن التقي يلقى منها أعظم مما يلقى المؤمن كما مشاهد.
ولابد أن يعلم المصاب ، أن الذي ابتلاه بمصيبته أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين ، وأنه سبحانه لم يرسل البلاء ليهلكه به ، ولا ليعذبه ، ولا ليجتاحه ، وإنما ابتلاه ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه ، وليسمع تضرعه، وابتهاله وليراه طريحا على بابه ، لائذا بجنابه مكسور القلب بين يديه ، رافعا قصص الشكوى إليه.
وقال الله تعالى ” ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين 155 الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون”.
الصبر على البلاء ، وهذه لمن لا يستطع الرضا بالقضاء ، فالرضا فضل مندوب إليه مستحب ، والصبر واجب على المؤمن حتم، والفرق بين الرضا والصبر، أن الصبر كف النفس وحسبما عن السخط ، مع وجود الألم وتمنى زوال ذلك، وكف الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع ، والرضا : انشراح الصدر وسعته بالقضاء ، وترك تمنى الزوال الالم وإن وجد الإحساس بالألم ، لكن الرضا يخففه ما يباشر القلب من روح اليقين والمعرفة وإذا قوى الرضا فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية.
الثالث : الصبر على المصائب التي لا صنع للعبد فيها كالأمراض والفقر وغيرها.
وهناك 12 درسا لعلاج المصائب والصبر عليها
الأول: أن يعلم بأن الدنيا دار ابتلاء ، والكرب لا يرجي منه راحة
الثاني: أن يعلم أن المصيبة ثابته وواقعة
الثالثة: أن يقدر وجود ماهو أكثر من تلك المصيبة
الرابع : النظر في حال من ابتلى بمثل هذا البلاء ، فإن التأسي باحة عظيمة.
الخامس: النظر في حال من ابتلى بأكثر من هذا البلاء فيهون عليه هذا
السادس: رجاء الخلف إن كان من مضى يصح عنه الخلف كالولد والزوجة
السابع: طلب الأجر بالصبر في فضائلة وثواب الصابرين وسرورهم في صبرهم فإن ترقى إلى مقام الرضا فهو الغاية
الثامن : أن يعلم العبد أنه كيف جرى القضاء فهو خير له
التاسع : أن يعلم أن تشديد البلاء يخص الأخيار
العاشر : أن يعلم أنه مملوك لله وليس للمملوك في نفسة شيء
الحادي عشر: معاقبة النفس عند الجزع وأن الجزع لا يرد ما وقع ولا يدفعه
الثاني عشر: إنما هي ساعة فكان لم تكن وهي سحابة صيف وتزول، ومما ينفى الصبر شق الثياب عند المصيبة ، ولطم الوجه ، والضرب بأحدى اليدين على الأخرى وحلق الشعر ، والدعاء بالويل.