أحبتي في الله: لقد أكدت خطبة الوداع على رعاية حرمة أعراض المسلمين في قوله صلى الله عليه وسلم: ” فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا، وفي شهركم هذا، في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم”
إن الإسلام قد حمى الأعراض وصانها، وحرم الاعتداء عليها بالإيذاء أو النظر أو القذف، وجعل من يُقتل دفاعاً عن عرضه شهيداً، أو بمنزلة الشهيد، قال -صلى الله عليه وسلم-: “ومن قتل دون أهله فهو شهيد” ( أبوداود والترمذي والنسائي)
وتوعد الله سبحانه وتعالى الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في المؤمنين، بالعذاب الأليم، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}(النور: 19)؛ وقد لعن الله الذين يتكلمون في أعراض الناس، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(النور: 23). وأمر الله أن يُجلدوا ثمانين جلدة ما لم يأتوا بأربعة شهداء، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(النــ ور: 4).
والمحافظة على الأعراض من الضرورات الخمس التي حافظ عليها الإسلام، فالإسلام جاء بالمحافظة على الضروريات الخمس وهي: حفظ الدين والنفس والنسل، وحفظ الأعراض، وحفظ العقول، فهذه الضروريات حافظت عليها جميع الشرائع.
وحرمة الأعراض -عباد الله- حرمة عظيمة، وصدق من قال:
والمال يغشى أُناساً لا طَبَاخ لهم……………كالسيل يغشى أُصول الدِّندِن البالي
أصـون عرضي بمالي لا أدنسه ……………… لا بارك الله بعد العرض في المالِ
عباد الله: إن العرض عند الإنسان أهم شيء يجب أن يحافظ عليه، فهو يجب أن يقوم بالمحافظة على عرضه ومحارمه؛ ولهذا أمر الإسلام بالمحافظة على العرض وصيانته والدفاع عنه؛ وجعل الإسلام لذلك وسائل وحدود.
هكذا أيها المسلمون نرى كيف حمى الإسلام الأعراض وصانها، وشدد على حمايتها؛ حتى يكون المجتمع نظيفاً يسوده الطهر والوئام والمحبة والأخوة ؛ نسأل الله -عز وجل- أن يحمي أعراضنا، وأموالنا، ودماءنا، إنه على كل شيء قدير.