روى أن الإمام البخاري صاحب الصحيح رحمه الله تعالى ذهب مسافراً إلى شيخ من الشيوخ ليروي عنه حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل المدينة لا يعرف أين الشيخ؟ فلما دخل في أحد شوارعها وجد رجلاً مع فرس وهو يريد أن تلحق به الفرس، ووجد أنه قد رفع ثوبه كأنه يحمل في حجره شيئاً، فرأى الفرس تلحق به، فلما وصل إلى بيته أمسك بالفرس وفتح حجره وإذا به خالياً ليس فيه شيء، فلما نظر البخاري إلى هذه الفعلة قال له: أريد فلان بن فلان. فقال له الرجل: وماذا تريد منه؟ قال: لا أريد منه شيئاً سوى أني حدثت أنه يروي عن فلان عن فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا.
وذكر الحديث، فقال هذا الرجل: أنا فلان، وحدثني فلان عن فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا. فماذا صنع البخاري؟! أبى أن يروي عنه، وقال: إذا كان الرجل يكذب على بهيمته فأخشى أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذه رسالة للعلماء والمحدثين- وأخص الباحثين- الذين لا يراعون الأمانة العلمية في نقولهم وبحوثهم، ونسبة الأقوال لأنفسهم، ونقل فصولٍ كاملةٍ بمراجعها على أنها من جهدهم، من أجل حصول أحدهم على شهادة يضر نفسه بها في دنياه، ويُسأل عنها في أخراه.