منتديات ثري جي شيرنج  
العودة   منتديات ثري جي شيرنج > المنتدي الاسلامي > المنتدي الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم مشاركات اليوم البحث
المنتدي الاسلامي العام ( )


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 - 9 - 2015
الصورة الرمزية ابو ساره
ابو ساره ابو ساره متواجد حالياً
النائب الاول
 
تاريخ التسجيل: 7 - 12 - 2013
المشاركات: 20,568
استجابة الخليل وابنه عليهما السلام لأوامر الله




استجابة الخليل وابنه عليهما السلام لأوامر الله

إن الابتلاء سنة كونية ولا سيما في حياة الأنبياء عليهم السلام؛ ومن أشد الأنبياء بلاءً إبراهيم عليه السلام ؛ فهو أحد أولي العزم الخمسة من الرسل: نوح وإبراهيم وموسي وعيسى وخاتمهم محمد صلى الله وسلم عليهم أجمعين؛ فإبراهيم ابتلي في قومه وولده؛ وهل هناك أشد بلاءً من إحراقه بالنار؟!! ولكن الله نجاه منها وسلب منها صفة الإحراق!! والقصة معروفة ومذكورة في القرآن الكريم ؛ بعدها سأل ربَّه أن يَهَبَه ولدًا صالحًا، عوضًا عن قومه، ويؤنسه في غربته، ويعينُه على طاعة ربِّه والدَّعوةِ إلى دينِه.

فاستجابَ اللهُ دعاءَه فَرَزَقَهُ ولدًا صالحًا:{ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينِ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ }(الصافات 101،99)؛ رزق إبراهيم بولده إسماعيل في سن كبير ، ورد في التوراة أنه كان في السادسة والثمانين من العمر، ولنا أن نتخيل كم يكون قدر هذا الطفل الذي جاء على شوق كبير وانتظار طويل، فأحبَّه وقرَّت عينُه، وتعلَّق قلبُه به… ترى كم يكون قدره عند والديه ومحبتهما له؟!!! إن الواحد منا لو تأخر في الإنجاب خمس سنوات- مثلاً – يذهب إلى أمهر الأطباء ويضحي بالغالي والنفيس من أجل الإنجاب؛ وكم تقدر فرحته لو رزق بمولود بعد طول هذه المدة؟!! فما بالك لو كان ذلك بعد ستةٍ وثمانين عاما؟!!

رزق إبراهيم عليه السلام بإسماعيل؛ وبلغ معه مرحلة السعي؛ أي كبر وترعرع وصار يذهب مع أبيه ويمشي معه، وعلى هذا فإن إسماعيل في سن بداية الشباب ثلاثة عشر عاما تقريبا، ووالده قد قارب المائة عام، ومن المعلوم أن الوالد حينما يكبر في السن يزداد ضعفه، ويبدأ في الاعتماد على ولده بصورة كبيرة .

لقد ابتُلِىَ إبراهيم في شبابه حين أُلْقى في النار،فقال “حسبنا الله ونعم الوكيل ” ، أما هذه المرة فالابتلاء يأتيه وهو شيخ كبير، وقد جاءه الولد على كِبَر، فهو أحبُّ إليه من نفسه وها هو يُؤمَر بذبح فلذة كبده وثمرة فؤاده.

ونلاحظ شدة البلاء حينما يأمر الله تعالى أن يتولى إبراهيم بنفسه الذبح، لم يخبره الله أنه سيموت فيهون الأمر، ولا يطلب منه أن يرسل بابنه الوحيد إلى معركة، ولا يطلب منه أن يكلفه أمراً تنتهي به حياته.. إنما يطلب إليه أن يتولى هو بيده….. يتولى ماذا؟! يتولى ذبحه!!.

ونلاحظ أن إسماعيل كان هو الوحيد في هذا الوقت ليس له إخوة آخرون، لو تخيل أحدنا هذا الأمر!! ماذا لو أمرك الله بذبح ولدك وحيدك ؟! هل تقوى على ذلك ؟! والله إنه لبلاء لا يطيقه إلا الأنبياء!!؛ {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ”(الصاف ات: 102)؛ فلم يتردد، ولم يخالجه إلا شعور الطاعة والتسليم والاستجابة والانقياد؛ إنه لا يلبي في انزعاج، ولا يستسلم في جزع، ولا يطيع في اضطراب.. كلا إنما هو القبول والرضا والطمأنينة والهدوء!!

وهنا وقفة: لماذا أخبر إبراهيم ولده بالأمر ؟!

إن إبراهيم لم يأخذ ابنه على غرة ( فجأة) لينفذ أمر ربه وينتهي؛ إنما يعرض الأمر عليه كالذي يعرض المألوف من الأمر؛ فالأمر في حسه هكذا….. ربه يريد !! فليكن ما يريد !!! وابنه ينبغي أن يعرف ويعلم الأمر، وأن يأخذ الأمر طاعة واستجابة واستسلاماً وانقياداً، لا قهراً واضطراراً، لينال هو الآخر أجر الطاعة، وليسلم هو الآخر ويتذوق حلاوة التسليم!!

وانظر إلى مدى البر والاستجابة والطاعة والانقياد من إسماعيل الذبيح عليه السلام؛ يوصي أباه قبل التنفيذ قائلاً: يا أبت أوصيك بأشياء: أن تربط يدي كيلا أضطرب فأوذيك!! وأن تجعل وجهي على الأرض كيلا تنظر إلى وجهي فتأخذك الشفقة فترحمني فلا تنفذ أمر الله!! واكفف عني ثيابك كيلا يتلطخ عليها شئ من دمي فينقص أجري وتراه أمي فتحزن!!! واشحذ شفرتك وأسرع إمرارها على حلقي ليكون أهون فإن الموت شديد!! وأقرئ أمي من السلام؛ وقل لها اصبري على أمر الله!! ولا تخبرها كيف ذبحتني وكيف ربطت يدي!! ولا تدخل عليها الصبيان كيلا يتجدد حزنها عليَّ!! وإذا رأيت غلاما مثلي فلا تنظر إليه حتى لا تجزع ولا تحزن!! فقال إبراهيم عليه السلام: نعم العون أنت يا ولدي على أمر الله!!

فأمرَّ إبراهيم السكين على حلق ولده فلم يحك شيئا؛ وقيل انقلبت. فقال له إسماعيل: ما لك؟! قال: انقلبت، فقال له: أطعن بها طعنا، فلما طعن بها نبت ولم تقطع شيئا، وكأن السكين تقول بلسان الحال: يا إبراهيم أنت تقول اقطع؛ ورب العزة يقول لا تقطع !!!! لأن الله تبارك وتعالى لم يشأ لها أن تقطع، لأن السكين لا يقطع بطبعه وبذاته وإنما خالق القطع هو الله تعالى وحده، فالله خالق للسبب والمسبَّب،كما أنَّ الله تعالى هو خالق الإحراق وخالق النار التي هي سبب للإحراق، فالنار لم تحرق نبي الله إبراهيم عندما أُلقي فيها لأن الله تعالى خالق الإحراق ولم يشأ لها أن تحرق نبيه إبراهيم عليه السلام يقول الله جلت قدرته: {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ (62)} [سورة الزمر].

وقتها نودي: يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا؛ وهذا فداء ابنك؛ فنظر إبراهيم فإذا جبريل معه كبش من الجنة. قال تعالى:{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107]؛ أي أن الله تعالى خلص إسماعيل من الذبح بأن جعل فداءً له كبشا أقرن عظيم الحجم والبركة.

وقد صور أحدهم ذلك أدق تصوير في أبيات رائعة؛ وهي قصيدة طويلة اقتطفت منها ما يؤدي الغرض المنشود:

وأمرت بذبحك يا ولدى *** فانظر فى الأمر وعقباهُ

ويجـــــــــيب الابن بلا فزع *** افــــــــــــــــــ ــــعل ما تؤمر أبتاهُ

لن نعصى لإلهى أمرا *** من يعصي يوما مولاهُ ؟!!

واستل الوالد سكـــــــــــــينا *** واستســــــــــــــل م الابن لرداهُ

ألقـــــــــــــــــ ـاه برفق لجـــــبين *** كى لا تتلقى عينـــــــــــــــــ ــاهُ

أرأيتـــــــــــــــ ــــم قلبا أبويا *** يتقبــــــــــــــــ ــل أمـــــــرا يأباهُ ؟؟

أرأيتم ابنـــــــــــــا يتلقى *** أمرا بالذبــــــــح ويرضاهُ ؟؟

وتهـــــــــــــــــ ز الكون ضراعات *** ودعـــــــــــاء يقبله الله ُ

تتوســـــــــل للملأ الأعلى *** أرض وسمـــــــــــــــاء ومياهُ

ويقول الحق ورحمتهُ *** سبقت في فضل عطاياهُ

صــــــدَّقت الرؤيا فلا تحزن *** يا إبراهيم فــــــــــــــديناه ُ

لقد أسلما.. فهذا هو الإسلام في حقيقته، ثقة وطاعة وطمأنينة ورضى وتسليم.. وانقياد واستجابة وتنفيذ.

عباد الله: إن هذا الأمر جاء ابتلاءً واختباراً وامتحاناً لإبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام؛ فلما ظهر منهما الاستسلام والخضوع والاستجابة؛ وتأكد ذلك؛ جعل الله الفداء لإسماعيل عليه السلام؛ قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ” إنَّ المصلحة في الذَّبح كانت ناشئةً من العزم وتوطين النَّفس على ما أمر به، فلمَّا حصلت هذه المصلحة، عاد الذَّبح مفسدة، فنُسخ في حقِّه، فصارت الذَّبائح والقرابين من الهدايا والضَّحايا سُنَّة في اتّباعه إلى يوم القيامة” (جلاء الأفهام)؛ وقال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: من فضل الله على الأمة أنه لم يتم الذبح لإسماعيل عليه السلام؛ فلو تم الذبح لأصبح ذبح الأولاد سنة.

وقال الإمام أبو حنيفة: فيه دليل على أن من نذر أن يذبح ولده يلزمه ذبح شاة.

أيها المسلمون: إذا كان الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام قد ضربا لنا أروع الأمثلة في الفداء والتضحية والاستجابة والانقياد والطاعة لأوامر الله عز وجل؛ فعلينا أن نضحي بأموالنا وأوقاتنا وأفعالنا وأقوالنا ونجعلها كلها طاعة واستجابة وخضوعا لله عز وجل؛ وهذا ما سنعرفه في عنصرنا التالي إن شاء الله تعالى !!


التوقيع

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لأوامر, وابنه, الله, الخليل, السلام, استجابة, عليهما


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته GEORGE_LG517 ملفات القنوات للاجزة الصيني زات المعالج ali 1 3 - 9 - 2015 8:15 AM


الساعة الآن 10:28 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
( Developed and programmed by engineer ( Abu Maryam Sat