عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 7 - 10 - 2015
الصورة الرمزية ابو ساره
ابو ساره ابو ساره متواجد حالياً
النائب الاول
 
تاريخ التسجيل: 7 - 12 - 2013
المشاركات: 20,567
أنواع الشهداء في الإسلام




أنواع الشهداء في الإسلام

كثير من الناس يعتقد أن الشهادة تقتصر على الموت في محاربة الكفار فقط ، ولكن شهداء أمة محمد صلى الله عليه وسلم كثيرون، ففي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله.” (ابن ماجه وأبو داود )؛ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد.” ( أخرجه مالك ؛ وأبو داود؛ والنسائي؛ وابن ماجه)؛ والمبطون كما يقول النووي : هو صاحب داء البطن. وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقًا. وقوله: المرأة تموت بجمع شهيد. أي تموت وفي بطنها ولد، لأنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل وهو الحمل.

هذا وخصال الشهادة أكثر من هذه السبع، قال الحافظ ابن حجر: وقد اجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة.. وذكر منهم: اللديغ، والشريق، والذي يفترسه السبع، والخار عن دابته، والمائد في البحر الذي يصيبه القيء، ومن تردى من رؤوس الجبال.

قال النووي : وإنما كانت هذه الموتات شهادة يتفضل الله تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها. اهـ قال ابن التين: هذه كلها ميتات فيها شدة تفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصًا لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء. أ.هـ

ويدخل في ذلك الدفاع عن الأهل والمال والوطن فعن سعيد بن زيد قال صلى الله عليه وسلم: “مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ”( الترمذي وحسنه)، وعن أبي هريرة قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قال : ” فلا تعطه مالك ” قال : أرأيت إن قاتلني ؟ قال : ” قاتله ” قال : أرأيت إن قتلني ؟ قال : ” فأنت شهيد ” . قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال : ” هو في النار “. ( مسلم )

كما يدخل في ذلك أيضا الجنود المرابطون الذين يسهرون ليلهم في حراسة هذا الوطن والدفاع عنه وحماية منشآته؛ وقد ذكرهم الرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله:” عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ؛ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ” ( الترمذي والطبراني).

ومن هؤلاء الشهداء – أيضاً – حجاج بيت الله الحرام الذين استشهدوا تحت رافعة الحرم الشريف؛ وكذلك الذين وافتهم المنية وهم محرمون في حادثة التدافع بمنى أثناء رمي الجمرات؛ ويكفيهم أنهم يبعثون يوم القيامة ملبين؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ؛ إِذْ وَقَعَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَأَقْصَعَتْهُ أَوْ قَالَ فَأَقْعَصَتْهُ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلَا تُحَنِّطُوهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا” ( متفق عليه )

ويتحصل مما ذكر من هذه الأحاديث أن الشهداء ثلاثة أنواع: شهيد الدنيا فقط؛ وشهيد الآخرة فقط، وشهيد الدنيا والآخرة معا .

فشهيد الدنيا والآخرة معاً: هو الذي يقتل في الجهاد في سبيل الله مقبلاً غير مدبر لا لغرض من أغراض الدنيا ، ففي الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: إن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال مستفهما: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه فمن في سبيل الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله.(البخاري)

أما شهيد الدنيا فقط: فهو من قتل في الجهاد لكن قتاله كان رياء أو لغرض من أغراض الدنيا.. أي لم يكن في سبيل الله، فهو في الدنيا يعامل معاملة الشهيد فلا يغسل ولا يصلى عليه، وينتظره في الآخرة ما يستحق من عقوبة جزاء سوء قصده وخبث طويته.

أما شهيد الآخرة فقط: فهو من يُعطى يوم القيامة أجر الشهيد ولكنه لا يعامل معاملته في الدنيا؛ بل يغسل ويصلى عليه.. ومنهم السبعة المذكورون في الحديث آنفاً .

ومما تقدم نعلم أن المسلم الذي يموت بإحدى هذه الميتات التي فيها شدة وألم نرجو أن يكون من الشهداء.

هذا وليعلم أن لنيل أجر الشهادة شروطاً، من هذه الشروط: الصبر والاحتساب وعدم الموانع كالغلول، والدَّين، وغصب حقوق الناس.

ومن الموانع كذلك: أن يموت بسبب معصية كمن دخل دارًا ليسرق فانهدم عليه الجدار فلا يقال له شهيد، وإن مات بالهدم. وكذلك الميتة بالطلق الحامل من الزنا. وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عن رجل ركب البحر للتجارة فغرق فهل مات شهيدًا؟ أجاب: نعم مات شهيدًا إذا لم يكن عاصيًّا بركوبه، وقال في موضع آخر: ومن أراد سلوك طريق يستوي فيها احتمال السلامة والهلاك وجب عليه الكف عن سلوكها، فإن لم يكف فيكون أعان على نفسه فلا يكون شهيدًا. اهـ فمن مات بهذه الميتات وهو موحد فإننا نرجو له الحصول على أجر الشهادة، فرحمة الله واسعة وفضله عظيم. فمدار الأمر على النية، فقد يكون في الظاهر في سبيل الله وفي الباطن غرضه الدنيا أو منصب أو جاه أو غير ذلك.




التوقيع

رد مع اقتباس