عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19 - 8 - 2015
الصورة الرمزية ابو ساره
ابو ساره ابو ساره متواجد حالياً
النائب الاول
 
تاريخ التسجيل: 7 - 12 - 2013
المشاركات: 20,568
رعاية الحقوق والواجبات والعدالة الاجتماعية:




رعاية الحقوق والواجبات والعدالة الاجتماعية:

العدالة الاجتماعية هى إعطاء كل فرد ما يستحقه وتوزيع المنافع المادية في المجتمع، وتوفير متساوي للاحتياجات الأساسية, كما أنها تعني المساواة في الفرص؛ أي أن كل فرد لديه الفرصة في الصعود الاجتماعي؛ ولا يشك عاقل في أن انعدام هذه العدالة الاجتماعية في أى مجتمع من المجتمعات سبب هام جدا من أسباب الفساد مهما كانت القوانين صارمة؛ والعقوبات شديدة؛ والحكومات حازمة في تنفيذ القانون, لذا من الضرورى والحتمى لأى دولة تريد القضاء على الفساد أن تعالج هذه المشكة.

فها هي كتب التاريخ تسطر بأحرف ساطعة موقف عمر رضي الله عنه مع ذلك الشيخ اليهودي الكبير، فيذكر أبو يوسف في كتابه الخراج “أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بباب قوم وعليه سائل يسأل، شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه فقال: من أي أهل الكتب أنت؟ قال: يهودي. قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن. قال: فأخذ عمر رضي الله عنه بيده فذهب به إلى منزله، فأعطاه من المنزل شيئاً؛ ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: انظر هذا وضرباءه، فوالله ما أنصفناه إذا أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم، { إنما الصدقات للفقراء والمساكين} (التوبة- 60)، فالفقراء هم المسلمون والمساكين من أهل الكتاب، ووضع عنه الجزية وعن ضربائه.”أ.ه ؛ وهو عين ما فعله أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه حينما تولى الخلافة, عمل على كفاية الفقراء والمحتاجين؛ وتزويج الشباب؛ وغير ذلك.

فحتى تكون هناك وقاية من الفساد, يجب أن نسد حاجة هؤلاء الأشخاص حتى لا يضطروا تحت وقع الضغوط المعيشية والحياتية وتحت ضغط المستوى الاجتماعي أن يمدوا أيديهم إلى أموال الناس فيأخذوا منها وهذا من باب سد الذرائع.

فالفساد يقع من وجهين: واجب مهمل أو حق مضيع.

فالوجه الأول: يتمثل في تقصير العاملين في واجباتهم المنوطة بهم؛ وهذا شائعٌ وكثيرٌ .

والوجه الثاني: هضم الحقوق؛ وغياب العدالة الاجتماعية.


أحبتي في الله : والله الذي لا إله غيره، لو أدى كل إنسان واجبه على أكمل وجه دون نقصان، وأخذ كل واحد حقه دون زيادة؛ لصلح حال البلاد والعباد، والراعي والرعية، وما صرنا إلى ما نحن فيه من فساد.

أختم حديثي معكم بهذه القصة التي بينت صفات المجتمع المسلم في عصر الخلافة الراشدة؛ ومالهم من حقوق وما عليهم من واجبات.

روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه عين عمر بن الخطاب رضي الله قاضياً على المدينة، فمكث عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة كاملة لم يختصم إليه اثنان، لم يعقد جلسة قضاء واحدة، وعندها طلب من أبي بكر الصديق إعفاءه من القضاء، فقال أبو بكر لعمر: أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر؟ قال عمر: لا يا خليفة رسول الله، ولكن لا حاجة لي عند قوم مؤمنين عرف كل منهم ما له من حق فلم يطلب أكثر منه، وما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه، أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه، إذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرض عادوه، وإذا افتقر أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه، وإذا أصيب عزوه وواسوه، دينهم النصيحة، وخلتهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففيم يختصمون؟!!

عباد الله: إن حلَّ ظاهرة الفساد والإفساد وعلاجَها لا يقتصر على فئةٍ معينةٍ، وإنما يشمل جميعَ أفراد المجتمع: شباباً وأسرةً ودعاةً ومؤسساتٍ وحكومةً؛ فإذا كان الطبيب يعطى المريض جرعة متكاملة حتى يشفى من سَقمه – إن قصر فى نوع منها لا يتم شفاؤه – فكذلك علاج هذه الظاهرة يكون مع تكاتف المجتمع بجميع فئاته، فكل فئة لها دور ، وباكتمال الأدوار يرتفع البنيان، وإلا كما قيل:

ومتى يبلغ البنيان يوماً تمامَه إذا كنت تبنى وغيرك يهدم

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم أدوات بناء لا معاول هدم؛ وأن يجعلنا من المصلحين الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون.


التوقيع

رد مع اقتباس